Libre-penseur, rationaliste et humaniste, je me définis comme un optimiste
qui a une grande foi en l'Homme et ses capacités à faire du bien, mais ne néglige pas
les dangers que peuvent générer tous les obscurantistes du monde entier...

mardi 31 janvier 2012

نهاية

الساعة الثالثة و ثمانية و خمسون دقيقة، لا شيئ سوى بصيص من ضوء القمر ينير غرفته، أزاح غطائه ببطء و واصل تأمّله للسقف ببلاهة ثم إنتصب واقفا و إتجه بخطوات سريعة نحو النافدة ليفتحها على مصراعيها، إستنشق الهواء ملء رئتيه، كان يحب هواء أخر الليل برطوبته و برودته، لطالما خفّف هذا الهواء محنه و مشاكله لكن هذه المرة لم تكن كسابقاتها فأطلق سبابا متواصلا قبل أن يشعل سيجارة، جذب هوائها بقوّة و أحسّ كل شرايين رئتيه تشتعل نارا ثم نفث الدخان أملا في أن يتخلص من النيران التي تشتعل بداخله دون جدوى، تأمّل نارها للحظات و خُيّل له أنه يرى أحشائه تلتهب أمامه، منذ أسابيع كان يحسّ بحرقة داخلية لا يعرف سببها لكنها أرّقته ليالٍ طويلة، أغلق النافذة ثمّ عاد على أعقابه إلى شقته فرأى بقايا سهرته الفارطة: قوارير جعة مبعثرة، منفضة ممتلئة و كتاب، تقدّم ليتناوله فأزكمت رائحة ما على المنضدة أنفه، فجمع النفايات كلّها ساخرا من القدر الذي طالما حوّل وجهته عن كل ما كان يحبّ عامّة و الكتب خاصة ثمّ ألقى نظرة سريعة على حاسوبه باحثا عن من يؤنسه في هذه الليلة الموحشة لكنه سرعان ما تخلّى عن الفكرة بعد دقائق طويلة و ثقيلة من الصمت المطبق و قرّر أن يهاتف عشيقته السابقة، رنّ هاتفها مرارا  دون إجابة و تساقطت دمعات على وجنتيه في آن واحد عندما عادت به ذكرياته إلى أيام الصفا مع حبيبته الأولى قبل أن تفرّقهم الألسن و الأقدار، مسح دموعه بسرعة كما لو كان يخشى أن يراه أحدهم في ظلام الليل... جال بخاطره أن يهاتف أمّه أيضا، لكنّه لم يكنّ قادرا على تحمّل أكثر من صدّ في نفس الليلة، و قال في قرارة نفسه: "لم أكن إلى جانبها عندما رحل والدي و فضّلت عليها أصدقاء السوء و ما كنت أتصوّره آنذاك "الإستقلالية عن العائلة" عندما كانت طريحة الفراش و هي اليوم أفضل حالا بفضل أختي و خاصة بعيدا عني فلماذا أطلب منها أن تكون إلى جانبي اليوم؟"، نفض جانبا كل خواطره العائلية وحاول أن يعدّد مناقب حياته المستقلة اليوم، يستفيق كلّ صباح دون أدنى رغبة في عمل لا يحقق فيه ذاته و يشتمه رئيسه بأقذع النعوت بسبب 5 دقائق تأخير هذا إلى جانب زملاء يقضّون كامل يومهم في النميمة أو التحاليل الكروية أو نصائح الطبخ فينعزل بنفسه عنهم آسفا في قرارة نفسه لتقضية وقته وحيدا منبوذا فينهي عمله بسرعة ليمضي بقية يومه و جزءًا من ليله بين مقاهي و حانات المدينة، فتارة يجد النديم المثالي فيطول بهما الليل مناقشين كل المسائل الفلسفية و القضايا السياسية الممكنة و تارة أخرى ينهي ليلته مع إحدى بائعات الهوى آملا أن يجد في إحداهنّ حبّه الضائع منذ سنين لكنّ غالبية لياليه كان ينهيها مخمورا باكيا على حظه العاثر و القدر الذي ما أنفكّ يسمّم حياته يوما بعد يوم، كانت هذه حصيلة سنوات طويلة و عجاف من "الطيران بأجنحته" كما يقول الفرنسيون: حطام حياة عاطفية، شبه حياة مهنية، مصاعب مادّية جمّة و كبد ينتفخ يوما بعد يوما بما يشربه من سموم لينسى فشله في كلّ خطوة خطاها في حياته القصيرة
جلس إلى طاولته و خطّ هذه الجُمل بسرعة محمومة ثم فتح نافذته ثانية و أعتلاها، من خلال طابقه السابع ألقى نظرة على المدينة التي بدأت تستفيق ببطء و أحس تجاهها بحب لا متناهي رغم أنه قضى سنينا لا يتمنّى شيئا غير مغادرتها، لفح البرد أعضاء جسده لكنّه لم يحسّ سوى بالنشوة تتدفق في عروقه، أخيرا الحرية، أريد أن أحلّق كالطّير و لو لثواني معدودة. فتح ذراعيه و أستنشق الهواء بقوّة ثم قفز إلى الأمام...


4 commentaires:

  1. Tu te mets enfin à l'écriture mister! Go!

    RépondreSupprimer
  2. J'aime ce style :)) Même si j'écris rarement comme sa mais sa encourage bch wa7ed ykharbech chwaya :p

    RépondreSupprimer
  3. هي ديكتاتورية الكاتب. أن يحلق فوق جثث المكتوب عنهم
    ...
    :)

    RépondreSupprimer

قبل ما تعلق على التدوينة تعمل مزية ترحّم على روح الشهداء و أشكر الثورة المباركة اللي خلاتك تنجم تكتب أش تحب منغير ما تبدى تتلفت وراك شكون قاعد يقرالك، تذكر زادة اللي كان أنا نسكت و إنت تسكت البلاد تعاود تدخل في حيط، لذا عبّر أختي/خويا بكل حرية و بكل مسؤولية