Libre-penseur, rationaliste et humaniste, je me définis comme un optimiste
qui a une grande foi en l'Homme et ses capacités à faire du bien, mais ne néglige pas
les dangers que peuvent générer tous les obscurantistes du monde entier...

mercredi 31 août 2011

الأخطاء السبع الأكثر شيوعا في الميدان السياسي التونسي ما بعد الثورة

6 commentaires
لاحظت، بعد نقاشات مطولة مع عديد من الأصدقاء و المواطنين العاديين في تونس، لاحظت وجود العديد من الأخطاء الشائعة و المتكررة سواء على مستوى التاريخ، المعلومات الحالية و الفهم النظري للمصطلحات التي يتم تداولها على الساحة السياسية التونسية، لذا سأحاول في هذه التدوينة إبراز أهم النقاط التي تفسد الفهم الصحيح للوضع السياسي و تدفع نحو صراعات جانبية و تمنعنا من النقاش حول أهم المسائل الحيوية التي طرحتها ثورة الكرامة في بلادنا


1ـ التجمع يحاول الرجوع إلى السلطة

 يخطئ البعض بالقول أن التجمّع "يسعى" إلى العودة إلى الحكم، فالحكم لم يخرج يوما من تحت سيطرتهم، فمثلا الأمن و الجيش كانا دوما مواليين للوزير الأول محمد الغنوشي و من بعده الباجي قايد السبسي،  أما بالنسبة للوزارات و الإدارات فلم يتغير من كان يسيرها و بالتالي لم تتغير طرق عملها جذريا، لذا يبقى الهدف الأساسي هو الحصول على أغلبية إئتلافية في المجلس التأسيسي تمكن الأحزاب المنتصرة من الأخذ بزمام الأمور و تغيير ما يجب تغييره على مستوى المسؤوليات ليتوافق مع مطالب الثورة التونسية و الشعب التونسي

2ـ يكفي أن لا أنتخب الأحزاب التجمعية (كالمبادرة، الوطن، التآلف إلخ) كي أتّقي شرّ التجمعيين

بعد إنهيار حزب التجمع على المستوى القانوني و السياسي، إقتنعت نسبة قليلة منهم بأن لا مكان لهم على الساحة السياسية ما بعد الثورة، لكن السواد الأعظم منهم، مواصلا إنتهازيته المعهودة حاول الركوب على الثورة، حاول التغلغل في العديد من الأحزاب الكبرى المعارضة للسلطة المنهارة (و خاصة حزبي الديمقراطي التقدمي و حركة النهضة) و ذلك لتشعّب فروعهم، كثرة مقراتهم الجهوية و صعوبة التثتب أولا من فسادهم المالي و السياسي و ثانيا إستحالة إثبات ولائهم للنظام السابق و ثالثا تأكيد الحزبين على قبولهم "للتجمعيين الشرفاء"، و يبقى الحل قائما في التثبت من التاريخ السياسي لكل الأسماء في القوائم الإنتخابية، الإنتباه من "النكرات" السياسيين الذين يدّعون الدخول في السياسة ما بعد الثورة إلى جانب الضغط على الحكومة الإنتقالية من أجل التسريع في محاكمة رؤوس الفساد و أتباعهم و هو ما سيؤدي عمليا إلى منع نسبة كبيرة من التجمعيين من ممارسة السياسة لمدة طويلة

3ـ كلّ من كان متحصلا على ترخيص حزبي ماقبل الثورة هو حزب كرتوني

هنا يمكننا أن نشكر منصف المرزوقي و أطراف من اليسار الراديكالي على ترويج هذا الإدعاء، و قد يقول البعض أن هدفي هو تلميع صورة التجديد و الحزب الديمقراطي التقدمي، لكنني أعتبر أن من لا يعرف تاريخه و من يشوهه لا يمكنه أن يؤسس لمرحلة جديدة من مستقبله.

عمليا كانت الأحزاب القانونية و المعارضة للسلطة ماقبل 14 جانفي أحزابا إصلاحية (التقدمي، التكتل، التجديد)، أي أنها كانت تنادي بإصلاحات قد تكون جوهرية و راديكالية و لكنها ليست بثورية، و كانت تراوح مثلا بين المشاركة في الإنتخابات من أج
ل فضح النظام أو مقاطعتها لعلمها بالتزوير المسبق، و كانت رغم كل هذا تعمل عملا متواصلا و كبيرا (حسب معايير ما قبل الثورة طبعا) مع الأحزاب الراديكالية المنادية بإسقاط النظام و الثورة (المؤتمر، العمال، الوطنيون الديمقراطيون)، كما كانت جريدتي الموقف أولا و الطريق الجديد ثانيا شوكة في حلق النظام البائد الذي كان يحاول بكل الطرق كتم أنفاس هاته الأصوات الحرة في زمن الجمر. للأمانة التاريخية، كانت بعض الأطراف السياسية المعارضة تنادي بمقاطعة الإنتخابات و العمل السياسي العلني تحت بن علي لإعتباره إعطاء ا لشرعية تعددية صورية، وكانت الأحزاب المشاركة تعتبر أن التعددية الصورية حاصلة من خلال أحزاب كرتونية كالإتحاد الديمقراطي الوحدوي و الوحدة الشعبية و الخضر للتقدم، و شخصيا أتفهم من كان راديكاليا أكثر من هذه الأحزاب قبل سقوط بن علي في نقده لهم، لكنني لا يمكن أن أقبل هذا من من كان يربط في مخيلته بين المعارضة و العمالة للخارج و محاولة تخريب الوطن، فأن تكون ثوريا و مناديا بإسقاط النظام يوم 15/01/2011 جميل جدا، لكن من الأفضل أن تكون قد طالبت "بالأجر الأدنى الديمقراطي المضمون" يوم 16/12/2010، فالتاريخ لن يرحمنا إذا أخطئنا في معرفة من كان إلى جانبنا و من كان ضدنا

4ـ المجلس التأسيسي، الدستور القادم للبلاد و الحكومة الشرعية المنبثقة هي السلطة الوحيدة في تونس مابعد الإنتخابات

أولا، من المهم التذكير بأن الإنتخابات القادمة، و رغم الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات التي تشرف عليها، تبقى عرضة للتزوير (قد لا يكون منظما كما كان الحال من قبل) و للتأثير و التوجيه من قبل إعلام بن علي الذي لم يتطور بصفة نوعية منذ الثورة. ما أقوله هنا ليس دعوة إلى رفض نتائج الإنتخابات أو حتى التصويت، لكنه تذكير بأهمية متابعة نتائج الإنتخابات و ما سيقوم به المجلس التأسيسي من الناحية التشريعية و التنفيذية، فلا يكفي أن يكون مثلا الرئيس منتخبا لكي تكون قراراته شعبية، و يبقى صمام الأمان الأول في ظل غياب الإعلام الهادف هو الشارع، لذا يجب أن يبقى التونسي حذرا و يقظا و أنا لا يعطي صكّا على بياض للمجلس التأسيسي، و أن إسقاط الحكومات ليس حكرا على الحكومات المنصبة بل يمكن أن يطال أيضا الحكومات المنتخبة و ذلك في إنتظار تثبيت مضادات دائمة و فعالة للنظام الحاكم و إمكانيات حياده عن المسار الديمقراطي

5ـ الماسونية العالمية، الصهيونية الرأسمالية، الفرنكوفونية الإستعمارية، وكالة الإستخبارات الأمريكية هي من يقرر كل ما يحصل في العالم

عادة ما تكون نظرية المؤامرة مرتبطة بغياب القدرة على التأثير على واقعنا المباشر (مثلا الغرب لن يسمح بديمقراطية في تونس)، فيلجأ متبنيها إليها من أجل الراحة النفسية التي تصاحبها، فعوض العمل من أجل تغيير ما يمكن أو لا يمكن تغييره في البلاد، يسهل الركون إلى الراحة و الخمول الفكري من خلال إلصاق كل أسباب التخلف في عدو هلامي و مجهول يمنعنا من تحقيق أهدافنا، وكلّما كان الطرف المقابل سرّيا و صعب الحصر، كلما سهل رؤيته في أي صعوبة تعترضنا في حياتنا اليومية، و هو الشيئ الذي جعل الماسونية (كتنظيم عاش السرية و الإنغلاق لقرون طويلة) الشماعة التي يعلق عليها العديد من التونسيين العراقيل العديدة التي تواجه بلدنا في هذه المرحلة الإنتقالية و الحرجة.

طبعا يبقى تأثير العوامل الخارجية كبيرا على سير البلاد التونسية، و قد تكون بعض الدول القوية رافضة لنسبة من التوجهات الجديدة للدولة التونسية ما بعد الثورة، لكن الكرة كما يقال في ملعب التونسيين، و هم من سيرسم ملامح تونس الغد بما أنهم هم القاطرة لثورات شعوب العالم و السباقون لتغييرات راديكالية قادمة لا محالة في عالم طفح به الكيل من قوّة أحادية، لذا علينا أن نرفع رؤوسنا و أن لا ندمّر الروح المعنوية لشبابنا التوّاق للحرية من خلال التأكيد على إستحالة التغيير و الثورة في بلادنا في كل العالم

6ـ الديمقراطية هي حكم الأغلبية و الحريات العامة يقرّرها المجلس التأسيسي أو مجلس النواب كما يريد

من أكثر الأخطاء شيوعا و خطورة هي أن الديمقراطية تنحصر في حكم الأغلبية، و الحال أن الديمقراطية هي أولا و أخيرا إحترام الأقليات، فمثلا، تحت نظام بن علي كانت الأغلبية "صامتة" و هو نظريا دليل على "موافقتها" على ما كان يقوم به بن علي، أي أن التعدي على الحريات، هرسلة المناضلين و سجن الحقوقيين هو "حق مشروع" بإسم ال 99% في الإنتخابات، قد يقول البعض أن هذا المثال لا يستقيم بما أن الإنتخابات كانت مزورة، لكن مثال إيران يبقى الأحسن، حيث قامت الثورة الإسلامية بقتل ما يقارب 30.000 شيوعي و معارض بإسم حكم الأغلبية و الدفاع عن "مكتسبات الثورة" و "الهوية"، و هو طبعا ما لا يقبله المنطق و الديمقراطية. بالتالي، يمكن قياس مدى حسن تطبيق الديمقراطية بمدى إحترام الأقليات على مستوى إحترام حرمتهم الجسدية، حقوقهم المدنية و حرية التعبير عن إختلافاتهم مع الأغلبية

الحرّيات العامّة: تتّفق نسبة كبيرة من الدول المتقدمة و قديمة العهد بالديمقراطية على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو حجر الأساس في بناء الدول الحرة، و أن الإخلالات به بإسم الظرف التاريخي أو الخصوصيات الثقافية هي بداية الطريق نحو الدكتاتورية، فمثلا، بن علي قرّر أن الحجاب ليس من الدين الأسلامي في شيئ، أو بصفة أدق الدين الإسلامي كما يجب أن يطبّق في تونس، و بالتالي منع عددا من المواطنين من ممارسة دينهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، و كلّ من عايش هذا الظلم عليه أن لا ينسى الشعور بالقهر عندما يحاول أن يفرض قسرا أن يتحدث شخص ما عن تصوره لدينه أو لهويته، و أن الحريات جزأ لا يتجزأ و أن بداية الحد منها هو أول خطوة في مشوار الرجوع إلى الدكتاتورية

7ـ من حق كل الأحزاب العمل السياسي و خطر المتطرفة منها ضعيف لعدم قدرتها على الإستفراد بالسلطة

من المهمّ جدّا تحديد إطار العمل السياسي في البلاد التونسية و ذلك لأهميته و تأثيره على حياة كل التونسيين، و يتمّ هذا عن طريق الإتفاق على الخطوط الحمراء في المطالب السياسية يسقط متجاوزها تحت طائلة القانون من خلال حرمانه من المشاركة في الإنتخابات و حل حزبه و في حال العود المنع من وسائل الإعلام؛ و هذه الحدود مختلفة و عديدة و يبقى أهمها الجمهورية (فلا يعقل أن نرى شقا كبيرا من القوميين يتحدث عن "الشعب العربي بتونس") و العلم التونسي (ممثل حزب التحرير على قناه التونسية إعتبره خرقة في حين أن شهدائنا ماتو حاملينه) و سيادة الشعب في تقرير مصيره و الإستقلال و الحرية و الديمقراطية و التداول السلمي على السلطة و نبذ الفوارق العرقية و الدينية و الجهوية و الجنسية و الطبقية. بإمكاننا مراجعة كل "الصراعات" الكبرى منذ قيام الثورة بين الأحزاب (العلمانية، الهوية، الإسلام السياسي) و سنرى بسهولة أن الإتفاق على أسس البلاد التونسية كان سيمكننا من تجاوز كل هذه المشاكل و ربح الوقت في تقديم برنامج إقتصادي و ثقافي للتونسيين، لكنهم اليوم و مع وجود أكثر من مائة حزب على الساحة، لا يمكنهم أن يقارنو بين 5 برامج أحزاب متكاملة، فالكل غارق في مزايدات جوفاء على الهوية و الدين و حتى في نقد الحكومة (طبعا دون تقديم حلول عملية و رفض الدخول في الحكومة الإنتقالية. كما أن الأحزاب المتطرفة تعمل على إثارة الخلافات العميقة من خلال ضرب شرائح من المجتمع بأخرى، فمنهم من يحاول تأليب "الفقراء" ضد الأغنياء، و المتدينين ضد العلمانيين و المعتزين بهويتهم ضد المغرّبين، و السكان الشرعيين ضد السكان الأصليين و غيره من محاولات التفرقة من أجل إخفاء غياب أي برنامج إقتصادي، سياسي و ثقافي لهذه الأحزاب


هذه بعض النقاط التي أراها أساسية من أجل تحسين مستوى السياسة في تونس و إعطاء أسباب جديدة للمواطنين للمشاركة في الإنتخابات و فرض مطالبهم الشرعية على الطبقة السياسية الجديدة في البلاد