Libre-penseur, rationaliste et humaniste, je me définis comme un optimiste
qui a une grande foi en l'Homme et ses capacités à faire du bien, mais ne néglige pas
les dangers que peuvent générer tous les obscurantistes du monde entier...

samedi 9 mars 2013

حظك اليوم

75 commentaires

يستفيق منير على صوت الراديو الذي تضعه أمه عاليا كل ما تقوم بتنظيف البيت، يعرف أن أباه قد غادر المنزل هذه الساعة وأنه لن يظطر لأن يسمع مجددا خطابه المشروخ حول بطالته التي تدوم منذ سنين، يتمطط في فراشه ويتثائب عاليا كي تسمعه أمه وتُعد له فطور صباحه. يذهب إلى الحمام ويشاهد طويلا عيناه المنتفختان من السهر والتفكير ويداعب لحيته الشعثاء التي لم يجد سبيلا لحلقها منذ ايام، ينهي سريعا ويضع طربوشا على رأسه فلا رغبة له في أن يقضي دقائق عدة وهو يستعمل "الجال" لتثبيت شعره ككل الشباب. يلتهم الشطيرة ويشرب قهوته بسرعة ثم  يلقي نظرة على درج في المطبخ فيجد قطعا نقدية تضعها أمه هناك بعد تعود من السوق، يتضائل العدد يوما بعد يوم لكنه لا يزال يفي بحاجته فيغمم كلمات مفادها أنه ذاهب وأنه قد أخذ قسطا من النقود فقد سئم أن يطلب مصروفه الأسبوعي من أمه كالأطفال. يُعرّج على صديقه صاحب محلّ لبيع الأقراص المضغوطة ليسأله عن أخر الأفلام المتوفرة لديه، يأخذ حاجته ويضع الأقراص بعناية في معطفه ويمرّ إلى بائع الفواكه الجافة طالبا أربعة سجائر من الكريستال ملحّا عليه أن يضعها في علبة مارلبورو أو "الليجار" في أسوأ حال، يوافق على مضض ويعطيه حاجته فيشكره ويذهب إلى مفترق الطرق ويشعل سيجارته الأولى وينفث دخانها بقوة ويشعر أنه أخرج مع زفرته الأولى حمما كانت تختلج بصدره، يقف طويلا هناك مراقبا المارّة، فيرد السلام على أصدقاء أبيه تارة ويلاطف أبناء الجيران الذاهبين إلى المدرسة تارة أخرى ثم يختلس النظر إلى بعض الشابات الجميلات المارات من هناك ويتجرأ أحيانا أن يتغزّل بإحداهن بكثير من الحياء، تبوؤ محاولاته بالفشل لكنه يختلق لهنّ الأعذار، تنتهي السيجارة الثانية مع قدوم أحد أصدقائه القلائل غير العاطلين عن العمل، يلاحظ عددا من الصحف تحت إبطه فيعرف أنه سيتم إستدعائه على كوب من الشاي لأن حركية السوق كانت طيّبة اليوم. يتبادلان التحية وينطلق صديقه في سرد النوادر التي عاشها يومها مع حرفائه لاعنا القدر الذي جعل حاملا للأستاذية في الفلسفة بائعا - مساعدا لأبيه - للبقول الجافة، منتظرا اليوم الذي ستمكنه القدرة الإلاهية من الذهاب إلى أوروبا. يدخلان المقهى، كالعادة عاشقان يحتلان ركنا منزويا يبنيان فيه أحلاما لبلد لم يعد يحلم، مجموعة من المتقاعدين تتنازع على الضجة السياسية الأخيرة و أربعة شبان تتناقش حول كيفية الحديث مع إحدى البنات القلائل التي قبلت الحديث مع أحدهم عبر أحد المواقع الإجتماعية، وكالمجموعة السابقة تكاد تصل خلافاتهم حد التشابك بالأيدي. يجلسان ويطلبان كوبين من الشاي، يفتح الصحيفة الأولى ويبحث عن الجوزاء : "تغيرات جذرية في حياتك تعيشها اليوم، كن جاهزا لإستغلال الفرصة".