يستفيق منير على صوت الراديو الذي تضعه أمه عاليا كل ما تقوم بتنظيف البيت، يعرف أن أباه قد غادر المنزل هذه الساعة وأنه لن يظطر لأن يسمع مجددا خطابه المشروخ حول بطالته التي تدوم منذ سنين، يتمطط في فراشه ويتثائب عاليا كي تسمعه أمه وتُعد له فطور صباحه. يذهب إلى الحمام ويشاهد طويلا عيناه المنتفختان من السهر والتفكير ويداعب لحيته الشعثاء التي لم يجد سبيلا لحلقها منذ ايام، ينهي سريعا ويضع طربوشا على رأسه فلا رغبة له في أن يقضي دقائق عدة وهو يستعمل "الجال" لتثبيت شعره ككل الشباب. يلتهم الشطيرة ويشرب قهوته بسرعة ثم يلقي نظرة على درج في المطبخ فيجد قطعا نقدية تضعها أمه هناك بعد تعود من السوق، يتضائل العدد يوما بعد يوم لكنه لا يزال يفي بحاجته فيغمم كلمات مفادها أنه ذاهب وأنه قد أخذ قسطا من النقود فقد سئم أن يطلب مصروفه الأسبوعي من أمه كالأطفال. يُعرّج على صديقه صاحب محلّ لبيع الأقراص المضغوطة ليسأله عن أخر الأفلام المتوفرة لديه، يأخذ حاجته ويضع الأقراص بعناية في معطفه ويمرّ إلى بائع الفواكه الجافة طالبا أربعة سجائر من الكريستال ملحّا عليه أن يضعها في علبة مارلبورو أو "الليجار" في أسوأ حال، يوافق على مضض ويعطيه حاجته فيشكره ويذهب إلى مفترق الطرق ويشعل سيجارته الأولى وينفث دخانها بقوة ويشعر أنه أخرج مع زفرته الأولى حمما كانت تختلج بصدره، يقف طويلا هناك مراقبا المارّة، فيرد السلام على أصدقاء أبيه تارة ويلاطف أبناء الجيران الذاهبين إلى المدرسة تارة أخرى ثم يختلس النظر إلى بعض الشابات الجميلات المارات من هناك ويتجرأ أحيانا أن يتغزّل بإحداهن بكثير من الحياء، تبوؤ محاولاته بالفشل لكنه يختلق لهنّ الأعذار، تنتهي السيجارة الثانية مع قدوم أحد أصدقائه القلائل غير العاطلين عن العمل، يلاحظ عددا من الصحف تحت إبطه فيعرف أنه سيتم إستدعائه على كوب من الشاي لأن حركية السوق كانت طيّبة اليوم. يتبادلان التحية وينطلق صديقه في سرد النوادر التي عاشها يومها مع حرفائه لاعنا القدر الذي جعل حاملا للأستاذية في الفلسفة بائعا - مساعدا لأبيه - للبقول الجافة، منتظرا اليوم الذي ستمكنه القدرة الإلاهية من الذهاب إلى أوروبا. يدخلان المقهى، كالعادة عاشقان يحتلان ركنا منزويا يبنيان فيه أحلاما لبلد لم يعد يحلم، مجموعة من المتقاعدين تتنازع على الضجة السياسية الأخيرة و أربعة شبان تتناقش حول كيفية الحديث مع إحدى البنات القلائل التي قبلت الحديث مع أحدهم عبر أحد المواقع الإجتماعية، وكالمجموعة السابقة تكاد تصل خلافاتهم حد التشابك بالأيدي. يجلسان ويطلبان كوبين من الشاي، يفتح الصحيفة الأولى ويبحث عن الجوزاء : "تغيرات جذرية في حياتك تعيشها اليوم، كن جاهزا لإستغلال الفرصة".
qui a une grande foi en l'Homme et ses capacités à faire du bien, mais ne néglige pas
les dangers que peuvent générer tous les obscurantistes du monde entier...
samedi 9 mars 2013
samedi 1 décembre 2012
الحاجّ والحاجّة
أول مرة خرجت من دار بوها مشات لدار راجلها، عمرها ما قرات ولا تعلمت، طرف قرآن على شوية حساب وكوجينة، الناس الكل قالولها عندك الزهر خذيت راجل متعلّم موش فلّاح كيف بقيّة الرجال في البلاد، أما هيا قعدت خايفة منو لين تسكّر عليهم باب ، سايسها، فدلك معاها وقعد يحكي معاها وما رقدو مع بعضهم كان مبعد ما إرتاحو لبعضهم. هزها للعاصمة وسكّنها في دار سوري أحلى ماللي حلمت بيه وقت االي حكالها عليه، دار فيها الماء والضو، بانو وتوالات ليها وحدها وجنينة صغيرة فيها قارصة وياسمينة تقعد تحتها وريحتها فايحة وقت اللي تبدى تستنى فيه يروّح مالخدمة العشية. في الليل تقعد عندو، ساعات يسمعو الأخبار في الراديو وساعات يسمعو صليحة و الرياحي وتكمل هيا تغني وحدها ويضحك عليها ويقوللها عندك موهبة ضايعة بين الصابون والكوجينة، كانت زادت تحب تسمعو يحكيلها على خدمتو والقضايا اللي يشوف فيها كل نهار وهي باهتة في عجب ربي وفي شنوة تنجم تعمل العباد على خاطر الفلوس وإلا حتى الحسد والبغض. قعدت معاه عامين منغير صغار وقد ما زنّت عليه أمو باش يطلقها ما حبّش، سهل عليهم المولى و جابتلو ستة أولاد وزوز بنات، تعبت باش كبّرتهم ووصّلتهم أما كانت فرحانة خاطر راجلها كان ديما يعاونها ويقوللها إنت راس المال، كبرو الصغار، عرّسو الكلهم كان الصغير قعد من بلاد لبلاد منغير خدمة ومنغير مرا، حسّت روحها عمرها عشرين عام كيف تولد حفيدها الأول وقتلت روحها وهي تعاون في بناتها ونساء أولادها على النفاس وعلى تطليع السنّين متاع الصغار وطهورهم ودخولهم للمكتب، كبرو الصغار وصغار الصغار وقلّت الحركة والمشي والجي على الدار، التليفون ما ينوقس كان على قضية وإلا مصلحة، حتى العيد ماعادش يجي فيه حتى واحد، تشكّات مرّةولا ثنين لولدها الكبير ومبعّد حطت أحكامها لربّي وقالت هذاكا حال الدنيا وحكم النساء، خرج راجلها تقاعد وعامتها هزها للحج، قعدت باهتة في المطار وفي التكنولوجيا اللي موجودة في السعودية، بعد ما روّحو راجلها عمل جلطة في المخ ما قتلتوش أما خلاتو على كرّوسة وما ينجم يتكلّم كان بالسيف، في ظرف عام فقد النطق متاعو كامل ما قعد يتواصل معاها كان بتبسيمة، نفس التبسيمة اللي كانت إتطيرلها قلبها من الفرحة وقت اللي كانت صغيرة، توة تبكّيلها قلبها دم على الراجل اللي ولّى كدس لحم وعظام قدامها، خممت تقتلو وترتاح وترتّحو أما خافت من كلام الناس، خممت تقتل روحها أما خافت ربّي، ساعة ساعة تخزر لتالي وتقول: شنوة نفعت حياتي ؟ عديتها سلاطة نشقى و نتعب باش نكملها هكة ؟ ومبعد تستغفر مولاها، تلعن الشيطان وتقول هذاكا هو المكتوب...
لتوة نتعدى قدام دار الحاج والحاجة، هو قاعد في كروستو عينيه فارغين، هي تحت الياسمينة اللي سرحت توة على الدار الكل وتغني في غناية "اللي تعدى وفات، زعمة يرجع؟"...
jeudi 22 novembre 2012
mercredi 26 septembre 2012
في إصلاح الإعلام
jeudi 30 août 2012
المقامة الحمصية
حدث أبو ثورة قال: في بعيد المكان والزمان، في بلد إسمه تونستان، بلاد المسلمين والعربان، بلاد بنو حديثة وبنو علمان، ومن كانو للقومية وماركس غلمان، ومن كان لبروڨيبة وبن علي طحان، أُشتُهِر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، صاحب الطريقة المرزوقية، وكانو قبل الثورة ثمانية أو أقل شوية، يعرفون بالظاهرة التبِقبيقية، ويترددون على القنوات القطرية، والصالونات الباريسية، ليشتكو الحالة الديمقراطية وفي بلدنا نقص الحرية، ورغم مواقفهم الثورية، وأحلامهم الوردية، لم يغيرو شيئا في الحالة التونسية، وأكتفوا بالفيديوات النقدية، حتى جاءت ثورة الياسمين، وكان للشعب نصر مبين، وأصبح البلد قبلة للناظرين، إلا أن إخواننا السياسيين، أبَو إلا أن يكونو على الثورة راكبين، و لحلاوة اللحظة مفسدين، فأصبحو من لندن وباريس قادمين، ومن منافيهم إلى بلدهم عائدين، وعوض أن يكونو للشعب شاكرين، إلا أنهم كانو له مقسمين، بين الكفار والمسلمين، بين المحافطين والحداثيين، وبين الكلوبيستية والمكشخين، أما المرزوقي صاحب البرنوس المشين، فقد كان يعرف بأنه من العلمانيين، بل وحتى من اللادينين، لكن طريحة القصبة جعلته من التائبين، وفي فلك الغنوشي مسبحين، وقلب الفيستة بوقاحة وأريحية مخيفين، وغيره مساره بالدرجات مائة وثمانين، وأصبح الناطق الرسمي بإسم السلفيين، وكلب حراسة ضد من ينقد النهضاويين، وهاجم بشدة الوسطيين والحداثيين والتقدميين، تاهما إياهم أنهم كانو لبن علي مطبلين، والحال أنهم كانو أمامه صامدين، لا في باريس ولندن مختبئين، كما إدعى أنه من الصوفيين، وأن حزبه من الثوريين، وأنه منحاز للفقراء والمعطلين والمهمشين، فكانت خلطة المؤتمرين، مزايدةً في الهوية على الإسلاميين، وفي الإقتصاد على الشيوعيين.