Libre-penseur, rationaliste et humaniste, je me définis comme un optimiste
qui a une grande foi en l'Homme et ses capacités à faire du bien, mais ne néglige pas
les dangers que peuvent générer tous les obscurantistes du monde entier...

mercredi 26 septembre 2012

في إصلاح الإعلام

85 commentaires





تعيش بلادنا منذ حوالي السنتين مخاضا إعلاميا عسيرا، ويتراوح التقييم للميدان الإعلامي من السيئ إلى الحزبي المتواطئ، وبما أن الإعلام ميدان شاسع ومتحول عالميا، وبما أنه يعيش تغييرات جذرية بسبب التقدم التكنولوجي، فإن مشكل الإعلام التونسي مزدوج وعلينا محاولة التفرقة بين الأسباب الموضوعية والأسباب الذاتية لفشل إصلاح الإعلام في تونس

ـ كما ذكرت آنفا، يعيش العالم (المتقدم) تحولات جذرية بسبب التكنولوجيا، ففي بداية القرن العشرين، كانت الصحف السبيل الوحيد لنشر المعلومة، وكانت تقوم بالإخبار إلى جانب التحليل، أما اليوم فيكفي أن تكون مرتبطا بالأنترنات كي تتمكن من الحصول على الخبر ثواني بعد حدوثه في أخر أصقاع العالم، ولم تتمكن الصحف اليومية من أن تجاري النسق السريع المتحول إلا من خلال خلق مواقعها الإلكترونية ومن بعد تطبيقاتها الخاصة على الهواتف الذكية واللوحات اللمسية، فعدد الصحف المطبوعة أوروبا يتناقص سنويا منذ أكثر من عقد

ـ تمكنت المجلات الشهرية وخاصة المختصة منها (سيارات، شؤون نسائية، حواسيب) من أن تحافظ على عدد مرتفع من القرّاء اللذين يجلبهم الشعور بالإنتماء إلى مجموعة من المختصين وأيضا بسبب عدم إرتفاع تكلفتها الشهرية مقارنة بالصحف اليومية، فمثلا في تونس لا يتجاوز ثمن المجلة الخمس دنانير في حين أنها تكفي بالكاد لشراء صحيفة يوميا لمدة أسبوع، لكن للأسف لا نرى في تونس عددا ضخما من المجلات وغيابا تامّا للمختصة منها، وقد يعود هذا إلى غياب حركة ترجمة كبيرة إلى اللغة العربية وتعود شريحة كبرى من مجتمعنا على قراءة العلوم أو التكنولوجيا بلغات أجنبية وخاصة الفرنسية

ـ يعيش الإعلام السمعي البصري مشاكل عديدة في الغرب، أهمها تعدد القنوات بسبب إنخفاض تكاليف التصوير والبث وإنتشار التلفزة الرقمية مقابل زمن إستعمال غير قابل للتمديد (24 ساعة يوميا) بل متناقص بسبب المنافسة من قبل بقية التكنولوجيات كالأنترنات والهواتف الذكية وحتى اللوحات الرقمية، كما أن التلفزيون كان دائما تلفزيونا حكوميا ذ ا  صبغة مرفق عمومي، فكانت القنوات الرسمية تلتزم ببث نسبة لا بأس بها من البرامج الثقافية والتعليمية، وفي تونس عشنا تجربة الخصخصة فقط منذ سبع سنوات وهو ما غير نظرتنا للإعلام السمعي البصري، فالقنوات الخاصة لا تتمتع بالأداء على التلفزيون الذي ندفعه مع فواتير الكهرباء، وتعتمد كلّيا على الإشهار وهو ما يدفعها إلى الإتجاه أكثر نحو المسلسلات والبرامج الترفيهية على حساب الثقافة والتعليم، إذ يقول باتريك لو لاي مدير قناة تي أف 1 الفرنسية أنه من دوره بيع "مساحات من العقل البشري لكوكا كولا من خلال برامجنا"، ولا تزيد المنافسة بين القنوات الخاصة والعامة سوى الطين بلة في هذا الميدان.

موضوعيا، نرى أن عديد المشاكل الإعلامية اللتي نعيشها في تونس ليست خاصة ببلدنا بل منتشرة في كل دول العالم بسبب التكنولوجيا أو العادات الإنسانية، لذا كان من المهم إبرازها لتسهيل حل بقية المشاكل الذاتية للإعلام التونسي



ذاتيا

ـ تعتبر وكالات الأنباء (عالمية كانت أو وطنية) قاطرة للإعلام، فهي الأصلح للحصول على المعلومة الدقيقة ساعة حدوثها من خلال شبكة مراسلين عالمية (أ ف پي 2700 مراسل) تمتاز بالحرفية والدقة، لكن للأسف في بلادنا، وكالة تونس إفريقيا للأنباء لا تقوم بدورها على أحسن وجه، فمثلا لا يتم تنزيل الأنباء العاجلة ليلا، ولا يمتاز صحفيوها بالسرعة في التنقل إلى مكان الخبر (لأسباب لوجيستية أو شخصية)، وما يزيد الطين بلة أن وكالات الأنباء تنشر الأخبار المقتضبة للعموم، لكنها لا تفتح مقالاتها الإ للمنخرطين، ومن بينهم الوزارات والسفارات و الجامعات وخاصة وسائل الإعلام كالتلفزات والراديو و الصحف، لكن في تونس يبقى عدد المنخرطين ضعيفا مقارنة بما تحتاجه الوكالة بل ونجد صحفا إلكترونية كبيزنيس نيوز تقوم بلقطة شاشة لمقالات الوكالة لتدمجها في مقالاتها الشخصية، فيدور المشهد الإعلامي في حلقة مفرغة، فلا الوكالة قادرة على تقديم المعلومة السليمة ولا وسائل الإعلام قادرة على التحليل بسبب إهتمامها بالحصول على المعلومة وهو ما يتناقض مع دورها الأصلي

ـ القضاء أو سيف داموقليس المسلط على رقاب الإعلاميين: هنا تتحمل حكومات الغنوشي والسبسي نسبة كبيرة من المسؤولية، ولم تحرك "الحكومة الشرعية" ساكنا في هذا المجال، بل وتجرأ لطفي زيتون على التهديد بإخراج القائمة السوداء للصحفيين وهو ما لا يمكن إعتباره إلا طلبا صريحا من الإعلاميين الدخول الى بيت الطاعة الحكومي، فعوض أن يتم تأميم كل قنوات التلفاز والراديو وحتى الصحف، فضلت الحكومات المتعاقبة التعامل مع هذا الملف بإنتهازية كبيرة، ويبقى مثال سامي الفهري الأوضح هنا، فالغريب ليس أن يقع إيداعه السجن، بل أن يكون يوم إيقافه صاحب قناة تلفزية ذات نسبة إستماع عالية بين التونسيين، فقد كان من الأفضل أن تتم محاسبته (أو حتى مصالحته، هو وبقية الإعلاميين) في الأيام الأولى من الثورة حتى لا نصل الى يوم نظطر فيه إما إلى الدفاع عن سامي الفهري شريك بلحسن الطرابلسي أو اكدفاع عن حكومة تضع في السجن من يعاديها أو من لا يلمع صورتها لدى التونسيين.
رغم مرور سنة ونصف، شخصيا أرى أن الحل يكمن في نوع من المصارحة بأخطاء الماضي من قبل الإعلاميين و بعث هيئة عليا للإعلام تهتم بمشاكل القطاع وتفض النزاعات دون اللجوء الى القضاء، كما يُطلب من من كان قريبا من السلطة أن يقوم بحلقات تكوينية إضافية وهو ما يدفعنا إلى المرور الى النقطة الثالثة والأخيرة

ـ أبناء عبد الوهاب عبد الله، كرها أو طواعية
لم يكن الصحفيون في تونس، كغيرهم من بقية شرائح المجتمع، مستعدين للثورة (يمكن أن نقارنهم بالسياسيين مثلا لنرى أنهم ليسو أكثر سوء ا من غيرهم)، وكان ما يتعلمونهم في ميدان الصحافة غير ما يُلقّن دوليا وفي العالم المتقدم، فتعود إعلاميونا على الخنوع للسلطة، على قتل روح النقد والممانعة فيهم، على إستسهال القص واللصق وعدم "الإستئناس" بما يتم العمل به في العالم الغربي، فمثلا لا نرى صحافيا تونسيا واحدا يعيد طرح نفس السؤال على رجل السياسة إذا لم رأى أن الإجابة غير كافية، إلى غيره من "الأسئلة المحرجة" من نوع "كيف ستمولون برنامجك الإنتخابي حال وصولكم للحكم"، هذا طبعا إذا كان للأحزاب التونسية برامج مرقّمة لا نوايا حسنة
لحل هذه المشكلة يجب التكثيف من الدورات التعليمية المشتركة بين أوروبا/أمريكا وتونس، إعتماد تبادل الخبرات مع الصحف العربية في البلدان اللتي تمتلك هامشا من الحرية إلى جانب دورات تكوينية في السياسة/الحقوق/الإقتصاد للصحفيين حسب إختصاصاتهم من قبل جامعيين تونسيين وهو ما سيمكن من رفع المستوى العام للإعلام في بلدنا

هكذا لخّصنا عددا من الأسباب الموضوعية والذاتية لمشاكل الإعلام في تونس، قد يتصوّر البعض أنه سبق السيف العذل، لكنني شخصيا أرى أنه من الممكن إلى هد اليوم إصلاح الإعلام في بلادنا، تكفي قليلا من الرغبة السياسية لبعث نفس جديد في ميدان الإعلام، نحن في حاجة لكل طاقات بلدنا طالما أبرزت النية على العمل بصدق من أجل وطن يبحث عن مرفأ سلام في زمن متقلب ومحفوف بالأخطار، لا يحقّ للسياسيين أن يهتمو بمصلحتهم الحزبية وبالحملة الإنتخابية القادمة على حساب مصلحة الوطن في الحصول على إعلام حر و محايد، لا يحق للصحفي القريب سابقا من السلطة أن يبحث عن صكوك الغفران لدى السلطة الجديدة كما لا يحق للصحفي العادي أن ينسى أهمية حياده بسبب إختلافه مع من هم في السلطة اليوم، مصلحة الوطن اليوم أعلى من كل شيئ، بناء الوطن اليوم سيمكننا غدا من البحث عن مصالحنا الشخصية لكن رجاءً لا تخطئوا الأولويات، ولا تخذلو وطنكم فهو في حاجة إليكم




jeudi 30 août 2012

المقامة الحمصية

56 commentaires

حدث أبو ثورة قال: في بعيد المكان والزمان، في بلد إسمه تونستان، بلاد المسلمين والعربان، بلاد بنو حديثة وبنو علمان، ومن كانو للقومية وماركس غلمان، ومن كان لبروڨيبة وبن علي طحان، أُشتُهِر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، صاحب الطريقة المرزوقية، وكانو قبل الثورة ثمانية أو أقل شوية، يعرفون بالظاهرة التبِقبيقية، ويترددون على القنوات القطرية، والصالونات الباريسية، ليشتكو الحالة الديمقراطية وفي بلدنا نقص الحرية، ورغم مواقفهم الثورية، وأحلامهم الوردية، لم يغيرو شيئا في الحالة التونسية، وأكتفوا بالفيديوات النقدية، حتى جاءت ثورة الياسمين، وكان للشعب نصر مبين، وأصبح البلد قبلة للناظرين، إلا أن إخواننا السياسيين، أبَو إلا أن يكونو على الثورة راكبين، و لحلاوة اللحظة مفسدين، فأصبحو من لندن وباريس قادمين، ومن منافيهم إلى بلدهم عائدين، وعوض أن يكونو للشعب شاكرين، إلا أنهم كانو له مقسمين، بين الكفار والمسلمين، بين المحافطين والحداثيين، وبين الكلوبيستية والمكشخين، أما المرزوقي صاحب البرنوس المشين، فقد كان يعرف بأنه من العلمانيين، بل وحتى من اللادينين، لكن طريحة القصبة جعلته من التائبين، وفي فلك الغنوشي مسبحين، وقلب الفيستة بوقاحة وأريحية مخيفين، وغيره مساره بالدرجات مائة وثمانين، وأصبح الناطق الرسمي بإسم السلفيين، وكلب حراسة ضد من ينقد النهضاويين، وهاجم بشدة الوسطيين والحداثيين والتقدميين، تاهما إياهم أنهم كانو لبن علي مطبلين، والحال أنهم كانو أمامه صامدين، لا في باريس ولندن مختبئين، كما إدعى أنه من الصوفيين، وأن حزبه من الثوريين، وأنه منحاز للفقراء والمعطلين والمهمشين، فكانت خلطة المؤتمرين، مزايدةً في الهوية على الإسلاميين، وفي الإقتصاد على الشيوعيين.



فقاطعت محدثي قائلا: "يا للعجب؟ كيف يمكن أن يحدث هذا يا أبا الربّ؟" فأبتسم إبتسامة خفيفة وقال:"مهلك يا أخ العرب، فما فاتك كان أغرب!!" وأستطرد قائلا: "يوم 23 أكتوبر أقيمت الإنتخابات، وقبّلها بأيام عُرِض فيلم برسيبوليس على الشاشات، وتم توظيفه كإعتداء على المقدسات، فكان للحداثيين بمثابة سلخ الشاة، وسبب للتقدميين الممات، وكانت الغلبة للإسلاميين في الإنتخابات، فتعددت في البلاد المظاهرات، والإضرابات والإعتصامات، وكثُرت من الرجعية والديكتاتورية التخوفات، أما أصحاب المرايات، فقد فضل التحالفات، وإختار رئاسة بلا صلوحيات، ووَضَع أتعس السياسيين في الوزارات، و عيّن من المستشارين العشرات، وكانت أقرب لها من المكافأت، أو سببا لتكوين القعدات، وإستهلاك ما تيسر من المشروبات، و أكل الكاكوية والحمصياة، فتعددت من جانبه الزلعات، ومن جانب الحكومة الإهانات، فأستحق عن جدارة لقب الطرطور، وأثبت أن لا همة له ولا إحساس ولا شعور، وأنه بمنصب دون صلاحيات مغرور، ودار في فُلكه كل الثورجيين، منهم الباندا صاحب العينين العسليتين، و معطر معطّل كل الشغالين، وعبو الوزير المسؤول عن البنزين وسيارات الإداريين، والكحلاوي كبير "المستقلين"، وطبعا منصر أقوى النافخين.



قاطعت مخاطبي بإمتعاض:"كفّني من الحديث عن هؤلاء المجانين، وقل لي إلى أي منقلب كانو منقلبين؟" فضحك أبو الثورة حتى بانت أنيابه وقال: "الإنتخابات المقبلة قتلتهم، وذهب وأنفرط عقدهم، أما كبير المجانين، فقد ذهب يبيع الحمص في الدباغين، لابسا برنسا وحافي القدمين، ويصيح من حين إلى حين، أنا كبير الثوريين، أنا أذكى العبقريين، وأصبح قبلة للناظرين، و مضحكا للقادمين والرائحين، وكان البقية الى منزلهم الأم عائدين، وفي أحضان النهضة مرتمين، ولعنهم الشعب إلى يوم الدين، لكنهم لم يكونوا لشعبهم يوما معتذرين..."




vendredi 2 mars 2012

Antimanuel de la Politique en Tunisie 3: Post élections

25 commentaires
Après la première version pré révolution  (moi aussi j'ai pas attendu le 14 Janvier), et la deuxième version post révolution, voici enfin la version post élections:


- Moncef Marzouki: Premier médecin à avoir causé plus de malades de l'hypertension et d'hypoglycémie que d'en avoir soigné.

- Mustapha Ben Jaafer : Premier humain à avoir réussi à noyer un poisson.

- Hamadi Jebali : PM appelé à désamorcer des situations explosives, dilemme cornélien.

- Troïka : Alliance gouvernementale dont la mission principale est de casser l'opposition

- Opposition : Plusieurs courants politiques dont la mission principale est de se casser les uns les autres.

- RCDiste : un barbu qui n'a pas fait (et ne fera jamais) de prison.

- UGTT : premier syndicat à avoir été soutenu par la Droite libérale et attaqué par l’extrême Gauche.

- PDP : Parti, qui à force de vouloir fusionner avec tout le monde, a fini par fondre.

Patriotes démocrates : Courant politique où chaque sympathisant rêve de fonder son propre parti un jour.

- Beji Caïd Essebsi : Jeune espoir de la classe politique démocrate et progressiste de contrer Ennahdha.

- Ahmed Nejib Chebbi : Le Jérome Kerviel du camp progressiste Tunisien.

- Le Pôle : Groupe de chanteurs qui, en n'invitant pas Emel Mathlouthi à ses concerts, a réussi à décrocher 5 places à l'assemblée Nationale Constituante.

- Sadok Chourou : Représentant des travailleurs tunisiens, unique Charcutier à l'assemblée nationale constituante.

- Jaouher Ben Mbarek : Premier homme politique à avoir été mis en avant par le lobby des vendeurs de Gel pour cheveux gras.

- Sihem Ben Sedrine : L'oncle Picsou des droits de l'Homme.

- Lotfi Zitoun : A été choisi pour que ses joues servent de punshing-ball aux émissions politiques.

 - Jalel Brick : Est le ***** qui *******  tout en *******.

- FaceBook : Diffamez les tous, Dieu reconnaitra les siens.

- Ibrahim Gassas : Lawrence d'Arabie n'est finalement pas une fiction.

- Salafistes : Une réaction logique au refus de certains extrémistes tunisiens de mourir par le terrorisme

- Manifestation de soutien au gouvernement: Manifestation de soutien au gouvernement.

- Mohammed Abbou : Premier voiturier avec privilèges de ministre

- Tarek Kahlaoui : Parmi les 71 ministres, est le seul porte-parole qui n'a toujours pas reçu sa nomination.

- Catastrophe naturelle : Rappel divin pour qui il ne fallait pas voter le 23 Octobre.

- Laïcité :  Un groupe de juifs athées qui cherchent à propager le communisme américain.

- Touriste : Espèce disparue depuis 2010, a été remplacée par le tourisme culturel afghan.




- Média en ligne : Ses articles sont excellents quand ils appuient nos positions, sinon c'est des articles puant le RCD et la mauvitude.

- Adnen Hadji : non on ne rigole pas avec Adnen Hadji !


mardi 14 février 2012

مقامة المجنون و البظر المختون

10 commentaires
حدّثني إبن سحنون، عن بلد تحفون، يسمّى تونس الحنون، بلد الدين و المجون، بلد الإلتزام و الفنون، فيه نصف الشعب للقباضة و البنوك مرهون، و النصف الباقي عمره مغبون، مرّت عليه السنون، يحكمه الزين الم***ن، بالحديد و النّار كأنه أتون، من يعارضه يوصف بالمجنون، و يصبح في الحال مسجون، يذوق من كل عذاب لون، لكنه ذات يوم مجيد، إستفاق البازيد، و تبعهم الفراشيش و المحاميد، و غلت كل البلاد من جديد، و رغم القمع الشديد، و الضرب بالنار و الحديد، كان الشعب جدّ عنيد، صانعا ملحمة يهابها كل صنديد، أو كل ذي قلب شديد، فهرب المخلوع إلى بلد بعيد، قيل إنه بلد المساعيد، غير أنه في الواقع بلاد الجوراي و العبيد، فتنفّس الكل هواء الحرية الجديد، و إمتلأ الكون بكل صوت و كل تغريد، و عبّر عن رأيه كل من يريد

فأبتهجت لهذا الكلام و قاطعت الشيخ:" هل أصبح البلد حقّا حرّا أم نكحه من أراد بالديمقراطية شرّا؟"، سكت الشيخ ثم سالت دمعة حزينة على وجنتيه وقال:" يا ليتني مُتّ قبل أن أعيش هذه الأيام، فلقد توافد على البلد بائعو الأوهام، و عوض الخير و محبة الأنام، نشرو ثقافة الخراب و الموت الزؤام، و كل الناس تبارتاجي و تكليلكي جام، و صنعو بالتصريحات المفبركة الأفلام، و أتهمونا بأننا لبن علي أيتام، و أننا من أجل العراء نعيش الأيام، و أن شيخهم الجليل مناضل و مقدام، و هو عشرين سنة في لندن أكل ونام، و دام هذا الحال أكثر من عام، حتى حلت المصيبة، في يوم عيد الحب و الحبيبة، و بعد قدوم كل الأشكال الغريبة، حل بيننا شيخ من الإخوان، قادما من بلد فرعون و هامان، مصر بلد العسكر الجبان، حيث الثائر مهان، و النائب في المجلس يصدح بالآذان، حل بيننا وجدي غنيم في الإبان، داعيا البنات إلى الختان، معتبرا الديمقراطية ملوخية بالبانان، و دعى العلمانيين الغلمان، و صفق وراءه الجرذان، قابلين أن يُشتم إبن بلدهم و يُهان، وتخمّرو بسماع التكبير و الآذان، و ظنّو أنهم بتطبيق الشريعة يحررون القدس في الإبان، و أن لا صناعة و لا فلاحة يهُمّان، و أن الثلوج و الموتى كذب و إفتراء و بهتان، و أنها غضب على عدم التمسك بالدين من الرحمان، و قررو تقديم الديمقراطيين لله كقربان، و بعد سويعات من نعيق الغربان، أنهى حديثه شيخ الختان، شيخ تبول الشيطان، ثم غادر الركح مسرورا فرحان، و قبض ثمن عرضه كاشا باليورو و الدولار و اليان، ثم قابل الكاميرا و سكب دمعتان، و قال في صوت متحشرج: "تونس تونس دولة إسلامية"، ثم طار إلى بلاد بعيدة، تاركا أهل تونس على الحديدة، متخمرين بأفكاره البليدة، و دعواته العنيدة، و قُرأت الفاتحة على الثورة المجيدة، و أفتتحت حرب جديدة، كانت في الأصل عن مشاغل التونسيين بعيدة، حرب الكفار ضد حزب الأخلاق الحميدة، ودامت الحرب سنينا عديدة.."


فقاطعت الشيخ و أمسكته من تلابيبه و صُحت في وجهه: "و كيف إنتهى حال البلاد يا هذا؟"، فضحك طويلا حتى بانت نواذجه ثم قال في نبرة جنونية "لقد إختلّ عقل كل من إهتم بهذه البلاد و نستها ذاكرة العقلاء من العباد، و لم يبقى غيري كي يعلن الحداد..."